أضربوا عنهن

الفهم التقليدي القديم و الحرفي للقرآن آن اوانه أن ينتهي! و المسؤولية تقع علينا جميعا بتوعية الناس لروح الرسالة الممثلة بالقرآن و فيه.

«وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ {فَعِظُوهُنَّ} وَ{اهْجُرُوهُنَّ} فِي الْمَضَاجِعِ وَ{اضْرِبُوهُنَّ} فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا»

في البداية يجب أن نعلم أن لم تصلنا سوى أحاديث قليلة جدا فيها تفسيرات للقرآن. لذلك فقد اعتمد المفسرون على روايات لم يتحروا صحتها سندا أو متنا فأمتلأت بما يسمى الإسرائيليات و قد قال احمد بن حنبل: “ثلاثةُ أمورٍ ليس لها إسناد: التفسيرُ، والملاحمُ، والمغازي.” (المصدر: مقدمة أصول التفسير. ابن تيمية).

لقد فسر هؤلاء المفسرين في كتبهم أن كلمة أضربوهن في الآية السابقة هي الصفع أو اللطم أو الركل أو الجلد. اي بمعنى عام، الإيذاء الجسدي. هذا اجتهادهم هم كبشر لا يلزموننا فيه بشيء سوى إحترام جهودهم.

بناءا على الفهم الحرفي هذا نستطيع كرجال أن نصفع و نركل و نجلد او نستعمل أدوات شتى و ليس فقط الجلد باليد طالما أن القرآن لم يُفصّل! و بكل صراحة أقولها, ذلك التكلف المزيف من بعض الشيوخ بوصف الضرب بأنه غير مبرح أو أن تضرب المرأة بمسواك لم أجد فيه سوى ترقيع لفهم مأفون و محاولة الخروج من ورطة الفهم السطحي للنص القرآني! أليس أقسى ما في الضرب هو الإهانة؟ هل يعقل هذا؟ ألم يأتي الإسلام بالأخلاق و الفطرة السليمة؟

للأسف تقبل الناس هذا الفهم بدون أي تحقيق!

سأوضح فيما يلي أن الضرب المقصود في الآيات هو بمعنى أن إضربوا عنهن، أي إنفصلوا عنهن. و لا زلنا لليوم نستعمل كلمة الإضراب حين نصف ترك العاملين للمصانع احتجاجا على أصحاب العمل. كما أن كلمة مضاربة تعني نقل مال من شخص الى آخر ليتاجر به. و بعد مراجعة كتاب لسان العرب–و هو برأيي الشخصي افضل المعاجم القديمة– نرى أن الضرب له معاني تتلخص بالمباعدة و النقل و الفصل و التجاهل.

سأستعين بالقرآن لكي اثبت أن الفهم القديم مغلوط.  من يراجع كتاب الله لكي يبحث عن كلمة الضرب سيرى أن الكلمة لا تعني اللطم أو الصفع، بل في معظم الآيات لها معنى مجازي و هو الفصل أو الترك. أو نقل شيء من مكان الى آخر بفصله عن مكانه.

 

«فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ» أي افصل بعصاك البحر لينشق و ينفلق أي ينفصل.

«وَإِذِ اسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ ۖ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا» أي افصل الحجر و افلقه بعصاك لتنفجر منه المياه.

«فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا» أي فصلناهم عن زمانهم لزمان قادم.

«أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَن كُنتُمْ قَوْمًا مُّسْرِفِينَ» أي نفصل بينكم و بين الرسالة.

«فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ» اي فصل الرؤوس، بمعنى القتال، فالقتال يأخذ عدة أشكال و ليس فقط هذا الشكل.

«وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ» أي يتركون ارض المستقر و السفر لاماكن اخرى.

« يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا» نفس المعنى أعلاه.

«ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ» أي قص عليكم و اعطاكم مثالا منه لكم.

«وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ» و ليس المقصود بهذه الآية خلخال القدم، بل المقصود هو أن لا يتركن بيوتهن بغرض اظهار مفاتنهن لمقاصد غير محمودة.
و حتى هذه الآية التي تصف امرا غيبيا نستطيع أن نستنتج انها تعني النقل او التقليب: «وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا ۙ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ»

«وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَىٰ» أي شق لهم طريقا.

و لم اجد في قرائتي للقرآن سوى هذه الآية التي “قد” تأخذ معنى حرفي لكلمة ضرب مع أني أستبعد ذلك تماما: «فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ» و نستطيع أن نستنتج من هذه الآية أن الضرب هنا بمعنى فصل الأوثان أي فصل اجزاءها بطريقة ما. و كون الأصنام مصنوعة من حجارة, فمجرد ضربها باليد لا يكفي لتدميرها بل يجب دفعها من مكانها لتسقط و تتكسر. و لنلاحظ أن ضرب تختلف عن اضرب، كما تختلف كلمة مضاربة عن ضريبة. الجذر واحد عادة ما يحمل معنى اساسي، لكن اشتقاقاته متعددة المعاني.

 

أذن هل نستطيع ترك كل تلك المواضع المجازية لكلمة أضرب في القرآن و نتعامل مع آية واحدة أن معناها حرفي؟ هل هذه منهجية علمية؟ طبعا لا.
من هنا نستطيع تلخيص الموضوع بالتالي:

في حالة اساءت المرأة لزوجها، أي كانت هي الطرف المعتدي (النشوز)، فالله ينصحنا أن نتعامل مع تلك المرأة بعدة طرق او خطوات:
الأولى: الموعظة «فَعِظُوهُنَّ» أي النصيحة بالرفق و اللين.
الثانية: الهجران في المضاجع «اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ».
الثالثة: الإضراب عنهن أو الإنفصال «اضْرِبُوهُنَّ» بمعنى تركهن في بيوتهن حتى يتراجعن عن السلوك المسيء. و لنلاحظ هنا أن الآيات تتكلم عن الخوف من النشوز او التحسب منه (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ)، بمعنى أن النشوز لم يحصل بعد، أذن بالمعنى الموروث للآية، يستطيع الرجل أن يعتدي جسديا على زوجته قبل أن تسيء له فعليا، أي كفعل احترازي للإساءة! ثم تنتهي الآية بأن من تطيع (بالكف عن الإساءة لزوجها) لا يجب أن نبغي عليها أي نظلمها«فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا» لكن أليس الضرب لإنسانة بالغة عاقلة مكرمة هو بغي أصلا؟
الرابعة: التحكيم بين الزوجين خيفة أن يحصل شقاق نهائي أي طلاق «وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا» و في هذه الحالة، اذا كان الطرفان يريدان الإصلاح، اي أن نيتهما الإصلاح فسيوفق الله بينهما.
و ان لم تجدي كل تلك الخطوات فالحل النهائي هو الطلاق. و هنا نضع دليل أخير و قوي على ان الضرب في الآية المعنية ليس الإيذاء الجسدي. لنقرأ الآية التالية: «الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ». في قمة الخلاف بين الزوجين الذي يصل للطلاق  الذي لا ينتج سوى عن مشاحنات و مشاجرات و خلافات.  فهل يعقل أن يعني الله الإعتداء في آية و تسريح بإحسان في آية أخرى؟ حتى في أقصى الخلاف المؤدي للطلاق فالتسريح بإحسان! لا بإيذاء!

ثم اذا قرأنا القرآن و وجدنا أن النساء «لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ» فهل هذا يعني إن أساء الرجل لها يحق لها ضربه؟ الم نفتح بفهمنا السطحي لآيات الله مشاكل لها أول و ليس لها آخر؟ هل سنفهم الآيات التالية؟ «وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرً» هل يشترط الله من المرأة الإحسان و التقوى بطلب الصلح و لا يطلب طلبا مماثلا من الرجل؟

ثم الم يكن لنا في رسول الله اسوة حسنة؟ لم يرد أي دليل على أن الرسول آذى رجلا أو أمراة (مع ان القرآن يوثق خلاف الرسول مع زوجاته حتى عرض الله عليهن الطلاق اذا أردن «الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا») أو حيوانا او حتى شجرة، بل كل كتب التاريخ تشير لإنسان عطوف رحيم. و قد روي عن عائشة انها وصفت الرسول أن “كان خلقه القرآن” (مسلم)

هل يستوي أن نظن بالله ان يسمح لرجل أن يؤذي زوجته جسديا أو معنويا و هو الذي جعل بين المرأة و الرجل مودة و رحمة؟ «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ». و أوصانا الله بمن هم اضعف منا جسديا: «واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام» و أوصانا أن طلقنا فنطلق بإحسان و لين؟ هل ينسجم الضرب بمعناه الحرفي مع التقوى خاصة حين نعي رسالة و روح القرآن؟ «وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ».

13 رأي على “أضربوا عنهن

  1. العربية كما نعرفها حاليا لا يجب أن تتحكم في معاني اللسان العربي للقرآن.
    تاريخها ونشاتها غير موثقان و أظن أن التفاسير لعبت دورا في ترسيخ المعاني الحالي للمفردات.
    مقال رائع واتمنى ان يكون هناك مقال مواز باللغة انجليزية لترجمته.

    Liked by 1 person

  2. مرة سمعت أحد المفسرين يعرّف الضرب هو ترك الأثر، ومنه ضرب العملة ، الضرب في الأرض هو ترك الأثر (ممكن يكون أثر مادي أو أثر معنوي) ، بالنسبة لتعريف الضرب أعلاه بأنه الفصل، لو سمحت ما تفسيرك لآية يضربن بخمرهن على جيوبهن؟

    إعجاب

    1. يضربن بخمرهن بمعنى نقل قماش الخمار على الصدر لتغطيته. النساء في ذلك العصر كن يغطين رؤوسهن بقماش كما جرت العادة عبر العصور المتمدنة (البابليات التدمريات اليهوديات و النصرانيات ..الخ) و تبقى منطقة الصدر مفتوحة مما يعرض هذه المنطقة للكشف أثناء الحركة فأمرن أن يغطينها.

      إعجاب

      1. هممم يعني ضرب الخيمة نقل قماشها ، makes sense ولذا يشار إليها مضارب مثل مضارب بني عبس يعني المكان الذي نصبوا فيه خيامهم. شكرًا على الرد 👍🏻

        Liked by 1 person

  3. And just as a personal note, my heart felt heavy whenever I read the aya ,imagining women get beaten. After reading your article now I feel somewhat at peace with it. I say “somewhat” because I’m not completely certain . It’s hard to let go of past learnings, especially when they were made by authorities. Thanks for taking the time to convey your thoughts to the readers

    Liked by 3 people

  4. اعجبني هذا البحث كثيرا، ولكن جرت العادة عرض البحوث الحديثة على نخبة من العلماء ليقوموا بتزكيتها؛ وهذا له أثر كبير في ثقة المستمع او القارئ كما في الاثر هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم.
    وفقك الله اخي الكريم ونفع بعلمك.

    إعجاب

    1. أشكرك أخي أحمد،
      البحث في الدين غير محتكر بفئة من الناس تزكي او لا تزكي. الدين لي و لك. و للقاريء أن يستعمل عقله و يعتمد على نفسه في البحث بعيدا عن الإعتماد على رجال الدين.

      إعجاب

  5. علماء التفاسير هم علماء معروفون بالعلم واقرب لعهد النبوة واعرف بلغة العرب، واعرف باسباب النزول، ويجمعون بين ادلة كثير. هذا في المجمل.
    اما بخصوص ضرب المرأة بضوابط فهو ليس الاصل، و قد ينطبق عليه حديث الرسول في النهي عن ظرب الزوجة ” انهم ليسو بخياركم”.
    والله أعلم.

    إعجاب

    1. لا أريد أن احول التعليقات لنقاش أخ احمد لكن أتمنى منك القراءة عن تاريخ كتب التفاسير خاصة ان تدوين التفاسير بدأ في أواخر العصر الأموي و أوائل العصر العباسي حين توفي جميع الصحابة. لا يوجد مفسر واحد دون كتابه و قد عاصر صحابيا. اما عن معرفتهم باللغة العربية فعصرنا بقواميسه و معاجمه و تطور علوم اللغويات يجعلنا اعلم منهم بلغتنا و تاريخها و ارتباطها باللغات القديمة. رأي اهل الحديث مثلا و على راسهم ابن حنبل بكتب المغازي و التفاسير سيفاجأك …
      تحياتي اخي… لو تقرأ بقية تدويناتي ستتضح لك وجهات نظري أكثر.

      إعجاب

  6. وصلتني هذه الرسالة ولا أعلم الكاتب الأصلي للمقال لكني أوردها للاستزادة كونها تتفق مع التدوينة فيما ذهبت إليه مع المزيد من الإيضاحات اللغوية التي أعجبتني (مثل تفصيل لطم وركل وصفع ووكز وأمثلة أخرى على الضرب مثل ضرب الحصار، وأضرب أي أقام لأن إضافة حرف أ تأتي بعكس المعنى ):

    كنت علي يقين ان ضرب النساء المذكور في القرآن لايمكن ان يعني ضرب بالمعني والمفهوم العامي.لأن دين بهذه الرفعه والرقي والعظمة(الدين الأسلامي) والذي لايسمح بأيذاء قطه،لايمكن ان يسمح بضرب وايذاء واهانة الأم والأخت والزوجة والأبنه .
    (مقال منقول) وهام جدا ارجو التكرم بتعميمه ومشاركته

    وفيما يلي اضاءه جميلة جدا علي هذا الموضوع:
    المعنى الرائع لكلمة فأضربوهن في القرآن وليس كما يفسرها البعض….
    هل القرآن يأمر بضرب النساء…و!!؟
    إذا ماذا تقول في هذه الآية..!؟
    { وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً }النساء34 .
    “من خلال المعرفة البسيطة في اللغة العربية وتطورها وتفسيرها إن العقوبة للمرأة المناشزة إي المخالفة نراه في هذه الآية بعقوبة تواترية تصاعدية بالبداية بالوعظ والكلام الحسن والنصح والإرشاد ”
    ★فان لم يستجبن
    الهجر في المضاجع إي في أسرة النوم وهي عقوبة لها دلالتها النفسية والتربوية على المرأة والهجر هنا في داخل الغرفة
    ★إما اضربوهن فهي ليس بالمدلول الفعلي للضرب باليد أو العصا لان الضرب هنا هو المباعدة أو الابتعاد خارج بيت الزوجية
    ولما كانت معاني الفاظ القرآن تُستخلص من القرآن نفسه , ولو تتبعنا معاني كلمة ( ضرب ) في المصحف وفي صحيح لغة العرب , نرى أنها تعني في غالبها المفارقة والمباعدة والانفصال والتجاهل ,
    خلافا للمعنى المتداول الآن لكلمة ( ضرب ) ,
    فمثلا الضرب على الوجه يستخدم له لفظ ( لطم ) , والضرب على القفا ( صفع ) والضرب بقبضة اليد (وكز ) , والضرب بالقدم ( ركل ).
    وفي المعاجم وكتب اللغة والنحو لو تابعنا كلمة ضرب لنرى مثلا في قول ضرب الدهر بين القوم أي فرّق وباعد ,
    وضرب عليه الحصار أي عزله عن محيطه
    وضرب عنقه أي فصلها عن جسده.
    فالضرب إذن يفيد المباعدة والانفصال والتجاهل.
    والعرب تعرف أن زيادة (الألف) على بعض الأفعال تؤدي إلى تضاد المعني :
    نحو (ترِب) إذا افتقر
    و (أترب) إذا استغنى ,
    ومثل ذلك (أضرب)في المكان أي أقام ولم يبرح (عكس المباعدة والسياحة في الأرض)
    ★هنالك آيات أخرى في القران تتابع نفس المعنى للضرب إي المباعدة.
    { وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لَّا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى }طه 77
    أي افرق لهم بين الماء طريقا.
    { فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ }
    الشعراء 63-67
    أي باعد بين جانبي الماء والله يقول :
    { لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ }
    أي مباعدة و سفر,هجرة الى ارض الله الواسعة
    { وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ }المزمل 20
    { فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ } الحديد 13
    أي فصل بينهم بسور وضرب به عُرض الحائط أي أهمله وأعرض عنه احتقارا.
    وذلك المعنى الأخير هو المقصود في الآية…
    واما الآية التي تحض على ضرب الزوجة والتي احتججت بها وشككتي بلطف الله وتقديره للمرأة وحفظه لحقوقها…!!!
    { فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ }
    فالآية تحض على الهجر في المضجع والاعتزال في الفراش ,أي لا يجمع بين الزوجين فراش واحد , وإن لم يجدِ ذلك فهو(الضرب) بمعنى المباعدة و الهجران و التجاهل , وهو أمر يأخذ به العقلاء من المسلمين واعتقد انه سلاح للزوج
    والزوجة معا في تقويم النفس والأسرة والتخلص من بعض العادات الضارة التي تهدد كيان الأسرة التي هي الأساس المتين لبناء المجتمع الإسلامي والإنساني.

    Liked by 1 person

أضف تعليق